كارثة في قلب هونغ كونغ
شهدت مدينة هونغ كونغ، الأربعاء، فاجعة مروعة حيث لقي 13 شخصًا على الأقل مصرعهم وأصيب العشرات في حريق هائل اندلع في مجمع “وانغ فوك كورت” السكني بمنطقة تاي بو. وتحولت الأجواء الهادئة في شمال المدينة إلى ساحة للكارثة، مع تصاعد أعمدة الدخان الكثيفة التي غطت السماء، بينما كافحت فرق الإطفاء والإنقاذ للسيطرة على النيران وإنقاذ السكان المحاصرين داخل المباني المشتعلة.
وبحسب التقارير الأولية الصادرة عن السلطات المحلية ووسائل الإعلام، بدأ الحريق في سقالات من الخيزران كانت تحيط بعدة مبانٍ في المجمع لأغراض الصيانة أو البناء، وهو مشهد شائع في هونغ كونغ. وسرعان ما امتدت ألسنة اللهب إلى الشقق السكنية، لتلتهم واجهات خمسة مبانٍ على الأقل من أصل ثمانية في المجمع، محولة إياها إلى كتلة من اللهب والرماد المتطاير.
السياق العام: تحديات السلامة في مدينة عمودية
تُعد هذه الحادثة تذكيراً مؤلماً بالمخاطر الكامنة في واحدة من أكثر مدن العالم كثافة سكانية. فمدينة هونغ كونغ، المعروفة بناطحات السحاب الشاهقة والمباني السكنية المتلاصقة، تواجه تحديات فريدة فيما يتعلق بالسلامة من الحرائق. العديد من المباني السكنية القديمة، التي شُيدت قبل عقود، قد لا تفي بمعايير السلامة الحديثة، وغالباً ما تفتقر إلى أنظمة إطفاء متطورة أو مخارج طوارئ كافية، مما يجعل سكانها أكثر عرضة للخطر.
تاريخياً، شهدت هونغ كونغ حرائق كارثية تركت بصمات مؤلمة في ذاكرتها، مثل حريق مبنى “غارلي” التجاري في عام 1996 الذي أودى بحياة 41 شخصاً، ودفع السلطات إلى مراجعة وتحديث قوانين السلامة بشكل جذري. ورغم هذه الجهود، لا تزال حوادث الحرائق في المباني القديمة تشكل تهديداً مستمراً، خاصة مع وجود شقق مقسمة بشكل غير قانوني وممرات ضيقة تعيق عمليات الإخلاء والإنقاذ.
الأهمية والتأثير المتوقع للكارثة
من المتوقع أن يكون لهذه المأساة تداعيات واسعة على المستويين المحلي والدولي. فعلى الصعيد المحلي، ستثير الحادثة نقاشاً عاماً واسعاً وتضغط على حكومة هونغ كونغ لفتح تحقيق شامل في أسباب الحريق ومراجعة فعالية قوانين سلامة البناء الحالية. كما ستسلط الضوء مجدداً على ضرورة تسريع وتيرة فحص وتحديث المباني القديمة في جميع أنحاء المدينة لضمان سلامة سكانها.
أما على الصعيد الدولي، فإن هذه الكارثة تلفت انتباه المدن الكبرى الأخرى ذات الكثافة السكانية العالية إلى أهمية تطبيق معايير صارمة للسلامة من الحرائق. وباعتبارها مركزاً مالياً عالمياً، فإن أي حادث كبير في هونغ كونغ يحظى بتغطية إعلامية واسعة، مما قد يؤثر على صورتها كمدينة حديثة وآمنة. وفي نهاية المطاف، تبقى هذه الفاجعة بمثابة جرس إنذار يؤكد على أن السعي نحو التطور العمراني يجب أن يواكبه التزام لا هوادة فيه بضمان أمن وسلامة الأرواح.