كشف مؤشر «سيسكو» لجاهزية الذكاء الاصطناعي عن تحول استراتيجي هائل في قطاع الأعمال السعودي، حيث أظهر الاستطلاع أن 91% من الشركات في المملكة العربية السعودية تخطط للاستعانة بخدمات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في عملياتها بحلول عام 2026. وتعكس هذه النسبة المرتفعة تسارعاً كبيراً في وتيرة التحول الرقمي، وتؤكد على أن دمج هذه التقنيات لم يعد خياراً ترفياً، بل أصبح ضرورة استراتيجية للمنافسة والنمو.
السياق العام: الذكاء الاصطناعي في قلب رؤية 2030
يأتي هذا التوجه المتسارع لتبني الذكاء الاصطناعي متوافقاً بشكل مباشر مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تضع التحول الرقمي وتنويع الاقتصاد على رأس أولوياتها. تسعى المملكة إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وتقليل الاعتماد على النفط. وفي هذا الإطار، تم تأسيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في عام 2019 لتكون المرجع الوطني في كل ما يتعلق بالبيانات والذكاء الاصطناعي، مما وفر إطاراً تنظيمياً وتشريعياً قوياً لدعم هذا التحول. إن الاستثمار الحكومي الضخم في البنية التحتية الرقمية والمشاريع العملاقة مثل “نيوم” و”ذا لاين” يعزز من جاهزية المملكة لتكون مركزاً إقليمياً وعالمياً للتقنيات المتقدمة.
فرص وتحديات: بين الكفاءة التشغيلية والأمن السيبراني
وفقاً لبيانات مؤشر “سيسكو”، فإن الشركات لا تسعى فقط لتبني الذكاء الاصطناعي، بل تدرك أيضاً التحديات المصاحبة له. حيث أفاد 60% من المشاركين في الاستطلاع بأن المخاطر السيبرانية التي يقودها الذكاء الاصطناعي تشكل مصدر قلق كبير. وفي المقابل، تعتمد 51% من الشركات بالفعل على الذكاء الاصطناعي للكشف عن التهديدات الأمنية والاستجابة لها. هذا يوضح أن الشركات تتبنى نهجاً متوازناً، حيث تستفيد من قدرات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والإنتاجية، وفي الوقت نفسه تستخدمه كأداة دفاعية لحماية أصولها الرقمية من التهديدات المتطورة. كما يتوقع 40% من الشركات أن يتم الجمع بين وكلاء الذكاء الاصطناعي والموظفين البشريين، مما يشير إلى توجه نحو تعزيز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها.
الأثر المتوقع: تعزيز التنافسية الاقتصادية للمملكة
إن تبني الذكاء الاصطناعي على هذا النطاق الواسع سيترك أثراً عميقاً على الاقتصاد السعودي. محلياً، سيؤدي إلى زيادة الإنتاجية في قطاعات حيوية مثل الطاقة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والخدمات اللوجستية. إقليمياً، يعزز هذا التحول من مكانة المملكة كقائدة للابتكار التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسط، ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمواهب المتخصصة. أما على الصعيد الدولي، فإن ريادة السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي تضعها كلاعب مؤثر في الاقتصاد الرقمي العالمي، مما يساهم في تحقيق أهدافها الاستراتيجية طويلة الأمد. يعتمد مؤشر “سيسكو” على استطلاع عالمي شمل 8 آلاف شركة، مما يمنح هذه النتائج مصداقية عالية ويعكس فهماً عميقاً لتوجهات السوق.