كاوست تطور نظام ذكاء اصطناعي لتتبع الإبل بالطائرات المسيرة

باحثون في كاوست يبتكرون نظامًا منخفض التكلفة يعتمد على الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لتتبع الإبل، مما يدعم مربيها ويقدم رؤى علمية جديدة.
نوفمبر 12, 2025
10 mins read
كاوست تطور نظام ذكاء اصطناعي لتتبع الإبل بالطائرات المسيرة

في خطوة تمثل جسرًا بين التراث العريق والتقنيات المستقبلية، نجح فريق بحثي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) في ابتكار نظام متطور يعتمد على الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة (الدرونز) لتتبع الإبل ومراقبتها من الجو. يقدم هذا النظام حلاً فعالاً ومنخفض التكلفة لمربي الإبل، ويسهم في الحفاظ على واحدة من أقدم المهن في المملكة العربية السعودية، مع فتح آفاق علمية جديدة لفهم سلوك هذه الكائنات الصحراوية الفريدة.

خلفية تاريخية وأهمية الإبل في الثقافة السعودية

لطالما احتلت الإبل، أو “سفينة الصحراء”، مكانة محورية في نسيج الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في شبه الجزيرة العربية. على مر العصور، كانت الإبل وسيلة النقل الأساسية في الصحراء القاسية، ومصدرًا رئيسيًا للغذاء واللباس، ورمزًا للثروة والمكانة الاجتماعية. واليوم، لا تزال تربية الإبل جزءًا لا يتجزأ من التراث السعودي، حيث تسهم بأكثر من ملياري ريال سعودي سنويًا في الاقتصاد الوطني من خلال قطاعات متنوعة تشمل إنتاج اللحوم والألبان، والمنسوجات، والسياحة التراثية، وسباقات الهجن التي تحظى بشعبية واسعة.

التحديات الحديثة والحلول المبتكرة

على الرغم من أهميتها، يواجه مربو الإبل تحديات معاصرة، فقطعان الإبل قد تجوب مسافات شاسعة تصل إلى 50 كيلومترًا يوميًا بحثًا عن الكلأ، مما يعرضها لخطر الضياع في الصحراء المترامية الأطراف، أو التسبب في حوادث مرورية خطيرة على الطرق السريعة. كما أن الرعي الجائر قد يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي. الحلول التقليدية مثل الأطواق المزودة بنظام تحديد المواقع (GPS) غالبًا ما تكون باهظة الثمن وتعتمد على تغطية الأقمار الصناعية التي قد تكون غير مستقرة في المناطق النائية.</n

لمواجهة هذه التحديات، صمم فريق البروفيسور باسم شحادة، أستاذ علوم الحاسب الآلي في “كاوست”، نظامًا يعتمد على طائرات مُسيّرة وكاميرات تجارية منخفضة التكلفة. يقوم النظام بتصوير القطعان من الجو، ثم تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي لتحليل اللقطات، وتحديد أعداد الإبل، وتتبع مسارات حركتها بدقة عالية، كل ذلك دون الحاجة إلى أجهزة باهظة الثمن.

رؤى علمية وتأثيرات متوقعة

لم يقتصر دور النظام على المساعدة العملية للمربين، بل كشف أيضًا عن رؤى علمية جديدة حول سلوك الإبل. يقول تشون بونغ لاو، الباحث المشارك في المشروع: “اكتشفنا أن أنماط رعي الإبل ليست عشوائية، بل تتبع مسارات منظمة يمكن التعرف عليها”. وأظهرت النتائج أن الإبل الأكبر سنًا تقود القطيع في مسارات طويلة خلال النهار، لكنها تعود دائمًا إلى مربيها قبل غروب الشمس. كما لوحظت حساسية الإبل لصوت الطائرات المسيرة، مما دفع الفريق إلى تحديد ارتفاع آمن للطيران لا يقل عن 120 مترًا لتجنب إزعاجها.

من المتوقع أن يكون لهذا الابتكار تأثير إيجابي متعدد الأوجه. فعلى الصعيد المحلي، يدعم النظام مربي الإبل بشكل مباشر، ويعزز السلامة على الطرق، ويساهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال توظيف التكنولوجيا المتقدمة لخدمة القطاعات التقليدية والحفاظ على التراث الوطني. إقليميًا، يمكن تطبيق هذا النموذج في دول الخليج الأخرى التي تشترك في نفس الإرث الثقافي. أما دوليًا، فيقدم هذا البحث نموذجًا رائدًا يمكن تكييفه لمراقبة أنواع أخرى من الثروة الحيوانية أو الحياة البرية في بيئات مختلفة حول العالم.

الخطوات المستقبلية

يخطط الفريق البحثي في “كاوست” للمرحلة التالية التي تتضمن جمع المزيد من البيانات لقطعان أكبر وأكثر تنوعًا من حيث الأحجام والألوان، بهدف زيادة دقة نموذج الذكاء الاصطناعي وقدرته على التعرف على الإبل في مختلف الظروف، مما يمهد الطريق لتبني هذه التقنية على نطاق أوسع.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

أكاديمية طويق: تسجيل 100+ برنامج تقني لدعم رؤية 2030
Previous Story

أكاديمية طويق: تسجيل 100+ برنامج تقني لدعم رؤية 2030

Monster Hunter Wilds: موعد الإصدار وتفاصيل اللعبة المنتظرة
Next Story

Monster Hunter Wilds: موعد الإصدار وتفاصيل اللعبة المنتظرة

Latest from التقنية

أذهب إلىالأعلى