في خطوة تعكس الدور المتنامي للتقنية في مواجهة التحديات البيئية العالمية، حظيت المملكة العربية السعودية بإشادة دولية من الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) لنجاحها الملحوظ في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لخفض الانبعاثات الكربونية. جاء هذا التقدير ضمن تقرير رسمي صدر على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف الثلاثين لتغير المناخ (COP30) المنعقد في البرازيل، والذي سلط الضوء على قصص نجاح الدول الأعضاء في دمج الحلول الرقمية ضمن استراتيجياتها المناخية.
السياق العام: من الالتزام إلى التنفيذ الرقمي
تأتي هذه الإشادة في سياق عالمي يتجه بقوة نحو تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، حيث لم تعد الالتزامات الوطنية مجرد تعهدات سياسية، بل أصبحت خطط عمل تتطلب حلولاً مبتكرة. وتُعد مؤتمرات الأطراف (COP) المنصة الأبرز لتقييم التقدم المحرز ومشاركة أفضل الممارسات. وفي هذا الإطار، برزت المملكة كنموذج رائد في الانتقال من مرحلة الالتزام إلى التنفيذ الفعلي، مستفيدة من الثورة الرقمية. وتستند هذه الجهود إلى رؤية المملكة 2030 ومبادرة السعودية الخضراء، اللتين تضعان الاستدامة والتحول الرقمي في صميم أهدافهما الاستراتيجية، مما يوفر إطاراً متكاملاً لمشاريع خفض الانبعاثات.
إنجازات ملموسة وأرقام مؤثرة
أوضح تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات أن المبادرات السعودية نجحت في خفض الانبعاثات بما يزيد عن 588 ألف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً. ولم يقتصر النجاح على ذلك، بل شمل أيضاً تحسيناً كبيراً في كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، مما يثبت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة فعالة لتحقيق أهداف متعددة في آن واحد. وقد علّقت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية على هذا الإنجاز، مؤكدة أنه يعكس الجهود الريادية للمملكة ويبرز التزامها بتسخير التقنيات المتقدمة لدعم العمل المناخي العالمي.
الأهمية والتأثير المتوقع
يحمل هذا الاعتراف الدولي أهمية متعددة الأبعاد. محلياً، يعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للتقنيات الحديثة ووجهة جاذبة للاستثمارات والمواهب الرقمية، ويدعم مساعيها لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. إقليمياً، تقدم السعودية نموذجاً قابلاً للتطبيق يمكن لدول المنطقة الاستفادة منه لتسريع وتيرة تحولها الأخضر والرقمي. أما دولياً، فإن هذه التجربة الناجحة تقدم دليلاً ملموساً للدول الأخرى على جدوى الاستثمار في الحلول الرقمية كجزء أساسي من مساهماتها المحددة وطنياً (NDCs)، مما قد يشجع على تبني سياسات مماثلة على نطاق أوسع.
مشاركة فاعلة ورؤية مستقبلية
لم تقتصر المشاركة السعودية على تلقي الإشادة، بل شهد المؤتمر حضوراً فاعلاً. حيث شاركت قائدة فريق الاستدامة الرقمية، غادة العثمان، في جلسة حوارية بعنوان “من الطموح إلى التنفيذ”، استعرضت خلالها تجربة المملكة في دمج الحلول الرقمية ضمن السياسات المناخية. وتؤكد مشاركة الهيئة في مؤتمر COP30 على دورها المحوري في تعزيز الاستدامة الرقمية وترسيخ مكانة المملكة كشريك عالمي موثوق في بناء مستقبل رقمي مستدام يخدم البشرية والكوكب.