شهد العالم الرقمي اليوم حالة من الاضطراب الواسع، حيث واجه ملايين المستخدمين حول العالم صعوبات بالغة في الوصول إلى عدد من المنصات الحيوية، أبرزها منصة التواصل الاجتماعي “إكس” (تويتر سابقاً) وروبوت الذكاء الاصطناعي الشهير “تشات جي بي تي”. هذا الانقطاع المفاجئ لم يكن مجرد صدفة، بل جاء نتيجة عطل تقني ضرب إحدى أهم ركائز البنية التحتية للشبكة العنكبوتية.
وفي التفاصيل، تعرضت شركة “كلاود فلير” (Cloudflare)، وهي العملاق التقني المسؤول عن إدارة وتأمين جزء كبير من حركة المرور على الإنترنت، لخلل داخلي أثر بشكل مباشر على الخدمات التي تعتمد عليها. وأوضحت الشركة، التي تدير ما يقارب 20% من إجمالي حركة تصفح الويب عالمياً، أنها رصدت تراجعاً ملحوظاً في مستوى خدماتها وتأثر واجهات برمجة التطبيقات (APIs) بدءاً من الساعة 6:40 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
أهمية “كلاود فلير” وتأثير الدومينو
لفهم حجم المشكلة، يجب النظر إلى الدور المحوري الذي تلعبه شركات مثل “كلاود فلير”. فهي تعمل كشبكة توصيل محتوى (CDN) وكجدار حماية ضد الهجمات السيبرانية. عندما تتعرض نقطة مركزية بهذا الحجم لأي خلل، فإن النتيجة تكون ما يُعرف بـ “تأثير الدومينو”، حيث تتساقط الخدمات والمواقع المعتمدة عليها تباعاً، حتى وإن كانت خوادم تلك المواقع نفسها تعمل بشكل سليم. هذا يفسر سبب توقف خدمات متباينة مثل منصات التواصل وأدوات الذكاء الاصطناعي في آن واحد.
التداعيات الاقتصادية والإنتاجية
لم يعد انقطاع الإنترنت مجرد إزعاج للمستخدمين الراغبين في الترفيه، بل بات يمس عصب الاقتصاد الحديث. تعطل خدمة مثل “تشات جي بي تي” يعني توقف أعمال آلاف المبرمجين وصناع المحتوى والشركات التي دمجت الذكاء الاصطناعي في سير عملها اليومي. وبالمثل، يُعد توقف منصة “إكس” انقطاعاً لشريان حيوي للأخبار العاجلة والتواصل الفوري، مما يؤثر على تدفق المعلومات عالمياً.
الوضع الحالي والحلول
من جانبها، سارعت “كلاود فلير” إلى احتواء الأزمة، مؤكدة بدء إجراءات الفحص والمعالجة الفورية. ورغم إعلان الشركة عن إجراء إصلاح أولي وبدء عودة الخدمات تدريجيًا، إلا أنها نوهت إلى أن بعض المستخدمين قد يستمرون في مواجهة بطء في الاستجابة أو صعوبات متقطعة حتى استعادة النظام لعافيته الكاملة. وتعيد هذه الحادثة فتح النقاش العالمي حول مخاطر “مركزية الإنترنت” واعتماد العالم على عدد محدود من الشركات لإدارة البنية التحتية الرقمية، مما يجعل الشبكة العالمية عرضة لاهتزازات عنيفة عند تعثر أي من هذه الشركات الكبرى.