يتجه الدولار الأمريكي، اليوم الجمعة، نحو تكبّد أسوأ خسارة أسبوعية له منذ أواخر شهر يوليو الماضي، وذلك في ظل تزايد قناعة الأسواق المالية وتوقعات المستثمرين بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) قد يتجه لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب في ديسمبر المقبل. وتأتي هذه التحركات وسط حالة من الترقب للبيانات الاقتصادية التي ستحدد مسار السياسة النقدية في أكبر اقتصاد في العالم.
أداء مؤشر الدولار وعوائد السندات
على صعيد التداولات، سجّل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، ارتفاعاً طفيفاً بلغت نسبته 0.1% في أحدث التعاملات ليصل إلى مستوى 99.624 نقطة. ويأتي هذا الارتفاع الطفيف كمحاولة للتعافي والتقاط الأنفاس بعد خمسة أيام متتالية من التراجع الحاد، مما يضع العملة الخضراء على مسار تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ 21 يوليو الماضي.
وفي سوق السندات، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحركة العملة، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنحو 0.8 نقطة أساس في التعاملات الأخيرة لتسجل 4.0037%، وذلك بعد سلسلة تراجعات استمرت لخمسة أيام، مما يعكس حالة التذبذب وعدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين.
السياق الاقتصادي وتأثير أسعار الفائدة
تكتسب هذه التحركات أهمية خاصة عند النظر إليها في السياق الاقتصادي الأوسع؛ حيث اتبعت الولايات المتحدة سياسة نقدية متشددة على مدار العامين الماضيين تمثلت في رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم. ومع ظهور مؤشرات على تباطؤ التضخم، بدأت الأسواق تسعر احتمالية “محورية” في سياسة الفيدرالي نحو التيسير النقدي. ومن المعروف اقتصادياً أن خفض أسعار الفائدة يقلل من جاذبية العملة للمستثمرين الباحثين عن العوائد المرتفعة، مما يضغط سلباً على قيمة الدولار أمام العملات الأخرى.
التأثيرات المتوقعة محلياً وعالمياً
إن تراجع الدولار الأمريكي يحمل في طياته تأثيرات واسعة النطاق تتجاوز الحدود الأمريكية:
- على الصعيد العالمي: يؤدي ضعف الدولار عادة إلى ارتفاع أسعار السلع المقومة به، مثل الذهب والنفط، حيث تصبح أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، مما قد يعزز الطلب عليها.
- الأسواق الناشئة: يعتبر انخفاض الدولار خبراً جيداً للاقتصادات الناشئة والدول التي تعاني من ديون مقومة بالدولار، حيث يخفف ذلك من أعباء خدمة الدين وتكلفة الاستيراد.
- حركة العملات: يمنح تراجع العملة الأمريكية فرصة للعملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني للتعافي وتحقيق مكاسب سوقية.
وتواصل الأسواق العالمية حالياً مراقبة تطورات السياسة النقدية الأمريكية عن كثب، حيث سيعتمد مسار الدولار في الفترة المقبلة بشكل كلي على البيانات الاقتصادية الصادرة وقرارات مسؤولي الاحتياطي الاتحادي، والتي سترسم ملامح المشهد الاقتصادي للعام القادم.