أطلق خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي، مطالبين باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف جرائم الاتجار بالنساء وعمليات تجنيد الأطفال القسري في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. ويأتي هذا التحرك الأممي وسط تقارير ميدانية مروعة توثق انتهاكات واسعة النطاق وعمليات اختطاف ممنهجة تستهدف المدنيين في ظل النزاع الدائر.
انتهاكات جسيمة واستهداف على أساس عرقي
أكد الخبراء الأمميون أن الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، وتحديداً النساء والأطفال، تتعرض لاستهداف مباشر وممنهج، غالباً ما يكون مدفوعاً بدوافع عرقية. وتشير التقارير إلى أن عمليات الاختطاف لا تقتصر على طلب الفدية فحسب، بل تمتد لتشمل الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، فضلاً عن الزج بالأطفال في أتون المعارك العسكرية، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الطفل.
السياق الميداني: حصار الفاشر وتفاقم الأزمة
تكتسب هذه التحذيرات أهمية قصوى بالنظر إلى الوضع الاستراتيجي لمدينة الفاشر، التي تعد آخر المعاقل الرئيسية في إقليم دارفور التي تشهد صراعاً محتدماً. ومنذ بدء الحصار المطبق على المدينة في مايو 2024، تدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل متسارع. هذا الحصار لم يؤدِ فقط إلى قطع طرق الإمداد الغذائي والدوائي، بل حول المدينة إلى ساحة معركة مفتوحة يدفع ثمنها المدنيون العزل، مما جعلها بؤرة للأزمات الإنسانية المتلاحقة.
أرقام مفزعة وتداعيات إنسانية كارثية
كشفت البيانات الحديثة عن حجم الكارثة الإنسانية، حيث تسبب التصعيد العسكري والحصار في نزوح أكثر من 470 ألف شخص من مواقعهم الأصلية بحثاً عن ملاذات آمنة تفتقر لأدنى مقومات الحياة. وعلى الصعيد الوطني، ارتفع عدد الأطفال المتأثرين بالنزاع في السودان إلى أكثر من ستة ملايين طفل، يواجهون مخاطر الجوع، المرض، وفقدان التعليم، بالإضافة إلى خطر التجنيد القسري.
امتداد رقعة العنف في السودان
لا تنحصر هذه الأنماط من العنف في الفاشر فحسب، بل رصدت التقارير الأممية انتشاراً مماثلاً للانتهاكات في مناطق متعددة من السودان، شملت مدن بحري، والخرطوم العاصمة، وولايات كردفان، ومدينة نيالا في جنوب دارفور. هذا التوسع في رقعة الصراع يعقد من مهام المنظمات الإنسانية ويزيد من حاجة المجتمع الدولي للتدخل الفاعل ليس فقط لتقديم الإغاثة، بل للضغط من أجل وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين من شبكات الاتجار بالبشر التي تنشط في ظل الفوضى الأمنية.