شروط بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا: انسحاب وتخلي عن الناتو

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن شروطه لوقف الحرب، مطالباً بانسحاب أوكرانيا من أربع مناطق وتخليها عن الانضمام للناتو. ما هي أبعاد هذه الشروط وردود الفعل؟
نوفمبر 27, 2025
8 mins read
شروط بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا: انسحاب وتخلي عن الناتو

في خطوة تحدد ملامح الموقف الروسي بشكل حاسم، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن شروط موسكو لوقف فوري لإطلاق النار وبدء مفاوضات سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا. تتمحور هذه الشروط حول نقطتين أساسيتين: انسحاب القوات الأوكرانية بشكل كامل من أراضي مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، التي أعلنت روسيا ضمها، وتخلي كييف رسمياً عن طموحاتها المستقبلية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

خلفية تاريخية معقدة للصراع

تعود جذور هذا الصراع المعقد إلى عام 2014، عقب “ثورة الكرامة” في أوكرانيا التي أطاحت بالرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش. ردت روسيا بضم شبه جزيرة القرم بعد استفتاء لم يعترف به المجتمع الدولي، ودعمت الحركات الانفصالية في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، مما أشعل حرباً استمرت ثماني سنوات. ورغم محاولات التوصل إلى تسوية عبر اتفاقيات مينسك، ظل الصراع مشتعلاً، ليمهد الطريق للغزو الروسي الشامل الذي بدأ في 24 فبراير 2022.

أهداف روسيا الاستراتيجية وشروطها

أطلقت روسيا على غزوها اسم “عملية عسكرية خاصة”، معلنة أن أهدافها هي “نزع سلاح أوكرانيا واجتثاث النازية منها”. وبعد فشل الهجوم الأولي على العاصمة كييف، ركزت القوات الروسية جهودها على السيطرة على شرق وجنوب البلاد. وفي خطوة تصعيدية في سبتمبر 2022، نظمت موسكو استفتاءات في مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، وأعلنت ضمها رسمياً، على الرغم من أنها لا تسيطر عسكرياً على كامل أراضي هذه المناطق الأربع حتى اليوم. تمثل شروط بوتين الحالية تجسيداً لهذه الأهداف؛ فالمطالبة بالانسحاب تهدف لتأمين مكاسبها الإقليمية وإنشاء جسر بري حيوي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم. أما شرط التخلي عن الناتو، فيعالج أحد أبرز هواجس الكرملين الأمنية، حيث تعتبر موسكو توسع الحلف شرقاً تهديداً وجودياً لأمنها القومي.

ردود فعل حاسمة وتوقيت لافت

قوبلت هذه الشروط برفض قاطع من كييف وحلفائها الغربيين. أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يقوم على “إنذارات نهائية” تتضمن التنازل عن أراضٍ أو سيادة، معتبراً العرض محاولة لشرعنة العدوان وفرض الاستسلام. وعلى الصعيد الدولي، وصفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الشروط بأنها غير واقعية وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة. وجاء توقيت الإعلان لافتاً، حيث سبق مباشرة قمة سلام دولية في سويسرا لم تُدعَ إليها روسيا، مما يفسره المحللون على أنه مناورة دبلوماسية روسية لتقديم روايتها الخاصة للسلام وتقويض جهود القمة والتأثير على الدول غير المنحازة.

الأثر المتوقع والآفاق المستقبلية

في ظل هذا التباين الشديد في المواقف، تبدو شروط بوتين وكأنها تعزز حالة الجمود الدبلوماسي بدلاً من أن تفتح باباً للتسوية. فما تراه موسكو “مقترحات سلام واقعية” تعكس الحقائق على الأرض، تعتبره كييف والمجتمع الدولي محاولة لفرض شروط المنتصر وتكريس انتهاك القانون الدولي. ومع استمرار القتال العنيف على الجبهات، تظل الفجوة بين رؤيتي الطرفين للسلام واسعة للغاية، مما ينبئ باستمرار الصراع في المستقبل المنظور، حيث يعتمد مسار الأحداث بشكل كبير على التطورات الميدانية والدعم الدولي المستمر لأوكرانيا.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

Previous Story

الغناء بالفصحى: كاظم الساهر يتألق في ليلة تاريخية بمركز إثراء

أيام الثقافة اليمنية بالرياض: احتفاء بالتراث وأواصر الأخوة
Next Story

أيام الثقافة اليمنية بالرياض: احتفاء بالتراث وأواصر الأخوة

Latest from السياسة

أذهب إلىالأعلى