جاهزية قصوى في الحرمين الشريفين لاستقبال جموع المصلين يوم الجمعة
أعلنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي عن رفع مستوى استعداداتها الميدانية والرقمية، وذلك في إطار التحضيرات المكثفة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المصلين والزائرين المتوقع توافدهم لأداء صلاة الجمعة. وتأتي هذه الجهود ضمن منظومة عمل متكاملة تهدف إلى توفير بيئة تعبدية آمنة وميسرة، تجمع بين الأصالة والتقنية الحديثة لخدمة ضيوف الرحمن، بما ينسجم مع توجيهات القيادة الرشيدة للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في أقدس البقاع.
خلفية تاريخية وأهمية دينية
يحظى يום الجمعة بمكانة عظيمة في الإسلام، حيث تُعد صلاة الجمعة من أهم الشعائر الدينية التي يحرص المسلمون على إقامتها جماعةً. وتتضاعف أهمية هذه الصلاة عند إقامتها في المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وهما أقدس موقعين في الإسلام. على مر العصور، شكّل الحرمان الشريفان مركزًا روحيًا وعلميًا للمسلمين من كافة أنحاء العالم، وتولت الحكومات المتعاقبة على مر التاريخ الإسلامي مسؤولية خدمتهما وتوسعتهما لضمان راحة الزوار. وفي العهد السعودي، شهد الحرمان أكبر توسعات في تاريخهما، مصحوبة بتطوير شامل لمنظومة الخدمات لتواكب الأعداد المليونية التي تستقبلها المدينتان المقدستان سنويًا.
منظومة خدمات متكاملة في المسجد الحرام
لتحقيق أعلى درجات الجاهزية، عززت الرئاسة برامجها التوعوية والإرشادية داخل المسجد الحرام. تنتشر مراكز “إجابة السائلين” في مختلف أروقة وساحات الحرم لتقديم الفتاوى والإجابات الشرعية للزوار والمعتمرين، مدعومة بخطوط هاتفية متخصصة تعمل بلغات متعددة. كما تم تفعيل الشاشات التفاعلية الرقمية التي تعرض محتوى شرعيًا مبسطًا يجمع بين الأصالة والتقنية، لتمكين القاصدين من تعلم أحكام العبادات والعقيدة الصحيحة بأسلوب عصري.
وفي مجال التواصل العالمي، تم تكثيف جهود الترجمة الفورية والميدانية، حيث تُترجم خطبة الجمعة إلى 15 لغة عالمية، وتُبث مباشرة عبر منصة “منارة الحرمين” الرقمية، ليصل صداها إلى المسلمين في جميع أنحاء العالم. وتتكامل هذه الجهود مع توزيع الكتيبات والمطويات الرقمية عبر رموز الاستجابة السريعة (QR Codes)، مما يقلل من استخدام الورق ويواكب التحول الرقمي.
تسهيل حركة الطائفين وخدمات مخصصة للنساء
لمواجهة الكثافة العددية في منطقة المطاف، قامت الوكالات الميدانية بزيادة أعداد “المطوّفين” المؤهلين وتوزيعهم بشكل استراتيجي عند المداخل والممرات لتنظيم الحركة. كما تم تفعيل برنامج “تبيان ودلالة” الذي يقدم إرشادًا مباشرًا للطائفين لضمان انسيابية الحركة وتوضيح المسارات المعتمدة. وفي الوقت نفسه، تواصل الكوادر النسائية المؤهلة تقديم خدمات إرشادية وتعليمية متخصصة لقاصدات المسجد الحرام داخل المصليات النسائية، لضمان توفير بيئة تعبدية خاصة وآمنة لهن.
برامج إثرائية في المسجد النبوي
لا تقتصر هذه الجهود على المسجد الحرام، بل تمتد لتشمل المسجد النبوي، حيث تواصل الرئاسة تنفيذ برامج دينية وتعليمية موجهة للزوار، تتضمن دروسًا علمية ومحاضرات شرعية. كما تم تفعيل مراكز الإفتاء والإرشاد في محيط الروضة الشريفة وساحات المسجد، مع توفير خدمات الترجمة لعدد من الدروس والخطب لضمان وصول الرسالة الدينية لمختلف الجنسيات. تهدف هذه المبادرات الإثرائية إلى تعزيز التجربة الروحانية للزائر وإثراء رحلته الإيمانية وفق أعلى معايير الخدمة الدينية.
الأثر المحلي والدولي لهذه الجهود
تعكس هذه الاستعدادات المتكاملة التزام المملكة العربية السعودية بدورها الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين. على الصعيد المحلي، تضمن هذه الخطط التشغيلية إدارة الحشود بكفاءة عالية وتوفير تجربة سلسة للمواطنين والمقيمين. أما على الصعيد الدولي، فإن توفير خدمات متعددة اللغات ومنصات رقمية عالمية يعزز من صورة المملكة كحاضنة للحرمين الشريفين، ويساهم في نقل رسالة الإسلام المعتدلة إلى العالم، مما يترك أثرًا إيجابيًا عميقًا في نفوس ملايين المسلمين الذين يتوقون لزيارة هذه البقاع الطاهرة.
