في خطوة تصعيدية جديدة تزيد من حدة التوتر بين واشنطن وكاراكاس، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تستعد لبدء عمليات “برية” لاستهداف مهربي المخدرات في فنزويلا، مكملاً بذلك جهودها البحرية القائمة. وجاء هذا الإعلان خلال محادثة تلفزيونية مع القوات المسلحة بمناسبة عيد الشكر، حيث أشار ترامب إلى أن تضييق الخناق على طرق التهريب البحرية دفع المهربين إلى الاعتماد على المسارات البرية، مؤكداً أن إدارته ستواجه هذا التحول قريباً جداً.
خلفية التوتر بين واشنطن وكاراكاس
لم يأتِ هذا التهديد من فراغ، بل هو حلقة في سلسلة طويلة من العلاقات المتدهورة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، والتي تفاقمت بشكل كبير في عهد الرئيس نيكولاس مادورو. فمنذ سنوات، تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية وسياسية صارمة على حكومة مادورو، متهمة إياها بالفساد، وانتهاك حقوق الإنسان، وتقويض الديمقراطية. وقد وصلت هذه السياسة إلى ذروتها باعتراف إدارة ترامب بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً مؤقتاً لفنزويلا، في محاولة لعزل مادورو دولياً ودفعه للتنحي.
مكافحة المخدرات كأداة للضغط السياسي
تستخدم الولايات المتحدة قضية تهريب المخدرات كأحد أبرز مبرراتها لتشديد الضغط على فنزويلا. وتتهم واشنطن مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة مادورو، بمن فيهم الرئيس نفسه، بالتورط في “الإرهاب المرتبط بالمخدرات” وتسهيل مرور شحنات الكوكايين من كولومبيا المجاورة إلى أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا. وفي هذا السياق، نشرت القيادة الجنوبية للجيش الأمريكي (SOUTHCOM) أصولاً عسكرية ضخمة في منطقة البحر الكاريبي، بما في ذلك حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد”، تحت غطاء عمليات مكافحة المخدرات. وقد أسفرت هذه العمليات البحرية بالفعل عن اعتراض أكثر من 20 قارباً ومقتل العشرات من المشتبه بهم.
الأهمية والتأثيرات المحتملة
يحمل التلويح بعمليات برية، حتى لو كانت محدودة النطاق، تداعيات خطيرة على الصعيدين المحلي والإقليمي. فعلى المستوى المحلي، يرى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في هذه التحركات تهديداً مباشراً لسيادة بلاده ومقدمة لتدخل عسكري يهدف إلى الإطاحة بنظامه والاستيلاء على احتياطيات فنزويلا النفطية الهائلة. أما إقليمياً، فإن أي عمل عسكري أمريكي على الأراضي الفنزويلية قد يزعزع استقرار المنطقة بأكملها، ويفاقم أزمة اللاجئين الفنزويليين في دول الجوار مثل كولومبيا والبرازيل. دولياً، تثير هذه السياسة قلق حلفاء مادورو، وعلى رأسهم روسيا والصين، مما قد يحول الأزمة الفنزويلية إلى ساحة جديدة للتنافس الجيوسياسي العالمي. وبينما كان ترامب يطلق إشارات متضاربة، تتأرجح بين التهديد بالخيار العسكري وإبداء استعداده للحوار مع مادورو، يبقى الوضع في فنزويلا على حافة الهاوية، حيث تتشابك الأزمة الإنسانية مع الحسابات السياسية الدولية المعقدة.