شهدت مياه البحر الأبيض المتوسط فصلاً جديداً من فصول المأساة الإنسانية المستمرة، حيث أعلنت السلطات اليونانية، يوم السبت، عن مصرع ما لا يقل عن 18 مهاجرًا غير نظامي، إثر غرق قاربهم المطاطي أثناء محاولة عبور محفوفة بالمخاطر جنوب جزيرة كريت. ويأتي هذا الحادث ليسلط الضوء مجددًا على المخاطر الجسيمة التي يواجهها الفارون من مناطق النزاع والفقر بحثًا عن حياة أفضل في أوروبا.
تفاصيل الحادث وعمليات البحث
وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن خفر السواحل اليوناني، تم اكتشاف الكارثة عندما رصدت سفينة تجارية ترفع العلم التركي القارب المنكوب وهو يغرق جزئيًا في المياه الدولية جنوب جزيرة كريت. وقد تمكن طاقم السفينة التجارية من إنقاذ شخصين كانا يصارعان الأمواج، بينما انتشلت فرق الإنقاذ جثث الضحايا الـ 18. ولا تزال عمليات البحث والتمشيط مستمرة في المنطقة المحيطة بموقع الحادث، تحسبًا لوجود مفقودين آخرين، رغم التحديات التي تفرضها اتساع رقعة البحث في المياه المفتوحة.
طريق الهجرة عبر شرق المتوسط: مخاطر متزايدة
تُعد اليونان، بحكم موقعها الجغرافي، إحدى البوابات الرئيسية للاتحاد الأوروبي للمهاجرين القادمين من الشرق الأوسط، آسيا، وأفريقيا. وفي حين أن الطريق الأوسط عبر إيطاليا يشهد تدفقات ضخمة، فإن الطريق الشرقي عبر الجزر اليونانية وجنوب كريت لا يزال يشكل مسارًا نشطًا وخطيرًا. غالبًا ما يستخدم المهربون قوارب مطاطية متهالكة وغير صالحة للإبحار لمسافات طويلة، ويقومون بتكديس أعداد كبيرة من المهاجرين تفوق حمولة القارب، مما يجعل أي تغير بسيط في أحوال الطقس أو ارتفاع الأمواج سببًا في وقوع كوارث محققة.
السياق الدولي وأزمة اللجوء
يأتي هذا الحادث في وقت تتصاعد فيه النقاشات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي حول سياسات الهجرة واللجوء. وتشير إحصائيات المنظمات الدولية، مثل المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، إلى أن البحر الأبيض المتوسط لا يزال يُصنف كأخطر طريق للهجرة في العالم، حيث ابتلعت مياهه آلاف الضحايا على مدار العقد الماضي. وتواجه دول المواجهة مثل اليونان وإيطاليا ضغوطًا هائلة للتعامل مع تدفقات المهاجرين، وسط مطالبات مستمرة بتضامن أوروبي أوسع وتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل يأس المهاجرين.
التداعيات الإنسانية والسياسية
تثير مثل هذه الحوادث ردود فعل واسعة النطاق على المستويين الحقوقي والسياسي، حيث تجدد المنظمات الإنسانية دعواتها لتوفير ممرات آمنة لطالبي اللجوء لتجنب اللجوء إلى قوارب الموت. كما يبرز الحادث أهمية التعاون الإقليمي في عمليات البحث والإنقاذ، كما ظهر في دور السفينة التجارية التركية في هذا الحادث، مما يؤكد أن المسؤولية الإنسانية في المتوسط تتجاوز الحدود السياسية.
